التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١١

كوميديا دانتية و"لمبو" برائحة الكذب

* مقال نشرته 2005 صدرت للمرة الأولى الترجمة العربية الشعرية الكاملة لكتاب الكوميديا الإلهية، للشاعر الإيطالي دانتي الليغييري عن منشورات المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو" في باريس والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. ونفذ الترجمة الشاعر والناقد العراقي-الفرنسي الجنسية- كاظم جهاد عن النص الأصلي الإيطالي وعن العديد من الترجمات الفرنسية لنص الكوميديا الإلهية المؤلف من 14233 بيتا شعريا موزعا على مقاطع ثلاثية ومجموعة في 100 نشيد قسمت إلى ثلاثة أجزاء: الجحيم والمطهر والجنة. وألحقت الترجمة بمئات الحواشي والشروح، كما ضمت مقدمة طويلة للمترجم تعتبر دراسة مستقلة بحد ذاتها.ويشدد كاظم جهاد في مقدمته على أن العالم العربي والإسلامي ليسا غريبين على الكوميديا الإلهية حتى وإن كان دانتي ينتمي للديانة المسيحية. ويشير إلى أنه كثيرا ما جرى ذكر التأثير العربي في الكوميديا الإلهية كما ينقل عن المؤرخين ذكرهم تردد دانتي على حلقة دراسات لتلامذة الفيلسوف ابن رشد. ويتجه أليكسي جورافسكي في كتابه (الإسلام والمسيحية) للحديث عن تأثير الإسلام في أوروبا ف

بين الكشكشة والعجعجة: لغتنا الفصحى، كيف حالش؟

* مقال نشرته 2005 تتناول السوسيولوجيا سبب تفاوت لهجات المناطق وطغيان واحدة على أخرى، وترجع ذلك فيما ترجعه للغة الأم دون الخروج عليها أو الانشقاق عنها، ولكن عوامل عدة تتقاطع داخل اللهجات المختلفة مما يسوق للبحث عن هذه العوامل المشتركة وبحث نسبتها أو علاقتها باللغة الأم، كقلب الكاف المكسورة حين مخاطبة المؤنث لشين ساكنة، وهي حال السواد الأعظم من أهل البحرين، وهذا يقتضي ضمنيا الحكم على توافقها أو خروجها على اللغة الفصحى، ذلك فيما يشبه رحلة تدفع عقارب الساعة للدوران بالعكس. البداية بلغتنا العربية أمنا الرؤوم، فهي إحدى اللغات السامية. وهي واللغات السامية تشعبت من شجرة واحدة، فحين خرج الساميون من مهدهم لتكاثر عددهم اختلفت لغتهم الأولى بالاشتقاق والاختلاط، وزاد هذا الاختلاف انقطاع الصلة وتأثير البيئة وتراخي الزمن حتى أصبحت كلل لهجة منها لغة مستقلة. وكان سبق السامية ولغتنا العربية أن سادت اللغة الآرامية، ويذكر عبدالرحمن السليمان أن اللغة الآرامية هي لغة سامية عريقة كان لها حظ كبير من الانتشار الواسع قبل أن تحل العربية محلها بعد الفتوحات الإسلامية. وقد انتشرت الآرامية في بلاد الرافدين والش

الاختلاف البشري والأسئلة الغبية (2)

* مقال نشرته في حلقتين في 2004 بعد الحديث عن الاختلاف، في سرد لأهم الكتب التي تحدثت عنه، يدور الحديث حول التسامح بوصفه القيمة المسيّرة والمتحكمة في تحديد مساحة الاختلاف وحجمها، ولكنّ أسئلة بسيطة ومبدئية لا تنفكّ تطرح نفسها حين يتناول الإنسان هذا الموضوع، فما هو التسامح؟ ومتى نشأ؟ وهل هو قيمة ثقافية أو أخلاقية؟ وهل هو قيمة مطلقة أم نسبية؟ وعلى العموم فإن طرح الأسئلة كان دائما أسهل بكثير من طرح الإجابات، إلا أنه أحيانا، يكون السؤال أصعب بكثير من الإجابة، فالإجابات تكون في كثير من الأحيان موجودة، لكن الأسئلة كانت دائما خاطئة، فهل أسئلة التسامح خاطئة أيضا؟ البداية من سويسرا، حيث تعود الذاكرة للعام 1761كان الفيلسوف الفرنسي (فولتير) ملتجئاً إلى مدينة (فيرني) السويسرية بعد أن نجا بجلده من الملك فردريك الألماني ومنعه الملك الفرنسي من دخول الأراضي الفرنسية. وحتى يكون بمنأى من بطش الاثنين فقد استراح هناك. فإن طاردته الاستخبارات البروسية هرب إلى فرنسا وإن طلبه الجواسيس الفرنسيون هرب إلى ألمانيا. وكان في مدينة (تولوز) الفرنسية القريبة رجل يدعى (جان كالاس) بروتستانتي المذهب وله بنت اعتنقت الكث

الاختلاف البشري والأسئلة الغبية (1)

*مقال نشرته في 2004 يختلف البشر، وهم بالقوة أو الفعل مختلفون، وهو اختلاف يقود إليه البديهي والأولي من العقل والمعرفة، اختلاف صحي يمثّل المحرّك البشري للمجتمعات والتاريخ البشري، ولا داعي للإيغال في إثبات أمر بدهي أوّلي، فيكون الأمر أشبه بالقول: كأنّنا والماء من حولنا          قومٌ جلوسٌ حولهم ماء. وعموما فإن هذا الاختلاف، وما نتج عنه من تكون وتشكيل ذهني للآخر المختلف، كان دائما مدارا لإشكاليات وأحيانا جدليات حركت وشكّلت وجه التاريخي، فالحديث عن الاختلاف لا ينفك يرتبط بالحديث عن التسامح، وهو حديث يطول، والبداية لا بدّ أن تكون –برأيي – دائما هي الانطلاق من التسامح بوصفه الأرضية المشتركة لكل البشر، والتي لا يختلف عليها اثنان. فعلى الأقل لن نختلف أبدا أننا مختلفون، وهو ما يدفع دائما للقول : أنا أختلف عنك، لهذا قد أختلف معك، ولكن أبقى أختلف عليك. هل يحتاج الحديث عن الاختلاف لطرح أسئلة غبية، كما هو الاختلاف؟ وما هي حدوده؟ وما هي علاقته بالتسامح؟ ولماذا الاختلاف؟ ربما كان بالإمكان تجاوز الحديث عن الاختلاف بهذه الصورة لو تجاوز الآخر المختلف الحديث عنها بنفس المقدار. ولكنّ هذا الآخر ا

"اقتصاد الانتباه" ومنتجات الموضة والشائعات

* مقال نشرته في 2010  كتابة " السيرة الذاتية " للأفكار ليست بالمهمة السهلة، فهذه السيرة تحوي الإجابات عن أسباب انتشار موضة ما واضمحلال أخرى، وفيها أيضا كشف لأسرار تحول الكتب من قائمة المجهول إلى أفضل المبيعات، تحول هو أشبه بتحول الماء إلى بخار، والذي يعرف بنقطة الانقلاب . وحين الانغماس في كتابة السير الذاتية للأفكار، يتصدر هذه السيرة موضوع " الانتباه " الذي هو السلعة الأكثر ندرة في عالمنا المعاصر، والتي تشكل عين الإعصار في فوضى الحواس التي نعيشها حاليا، فعين الإعصار هي تلك النقطة الساكنة في المنتصف والمنعزلة عن النشاط المحموم الذي يعصف بالأشياء حولها .  في غمرة هذا كله، يقدم هذا الموضوع أهم النقاط التي تشكل الظواهر والشائعات في حياتنا، ما يرتبط ارتباطا وثيقا بالانتباه الذي هو عنق الزجاجة في استقبالنا لكل ما يدور حولنا .  " أخبرني صديق عن رجل سافر لبلد أجنبي في رحلة عمل، ذات مساء توقف في مطعم لتناول شيء ما، أثناء جلوسه تقدمت ناحيته امرأة غاية في الجمال وعرضت عليه مشاركته الطعام، غمر الرجل شعور بالإطراء والسعادة لطلب هذه المرأة الجميلة مشاركته طعامه . بعدها

أنا والبشر

قصيدة نشرتها ٢٠٠٣ ( 1 ) سيكتبون في دمي … روايةً شاحبة الفصول ويسرجون للبعيد في فمي خيول ويقتلون الفجر في ذاكرتي ويصلبون داخلي الرسول سيهتفون في الجروحِ : - ما الذي تريد أن تقول ؟ وبعد أن تسكن أشباحهمو هذا الجسد سيرحلون للأبد … (2) تذرّني الريح على آثارهم ، فلا أحسّ داخلي غير صدى الفراق .. وكلما أوغلت الرياح في الهبوب .. تحرقني الأشواق ، ووحدي المصلوب في ذاكرتي ... أذوب من داخلي أحاول الهروب .. لكنها ، موصدةٌ في وجهي الآفاق .. فما الذي يجديه أن أشتاق ؟ وما لذي يفعله الغريب في الدروب ؟ إذا أتى المساء .. وأوحشت من حوله الأنحاء , فبين أن يموت .. أو يموت ، يغادرُ الأحياء ... (3) هذا أنا .. وهكذا كل البشر ، قد أذعنوا للموت في البقاء ، لكنني اخترت السفر .... قد ثملوا بالذل والشقاء ، وشاقني حرية السحاب في مرمى البصر .. أعلم مذ جئت هنا .. أنّـي أنا .. دون البشر ، لكنه يا روحي القضاء .. والقدر ، فانتظري ... سيكتبون في دمي رواية شاحبة الفصول .. ويسرجون للبعيد في فمي خيول ويقتلون الفجر في ذاكرتي ويصلبون داخلي الرسول سيهتفون في الجروحِ : - ما الذي

وجه البحرين الحضاري ... نظرة بصرية

كثيرا ما كنا مأخوذين بذلك الامتداد البصري الذي يبحر بأعيننا في آثار الحضارات المتعاقبة والتي كانت تمتلك –بدرجات متفاوتة - وعيا بالثقافة البصرية ودورها المحوري في رصد وتخليد الحضارة . وفي الوجه الآخر لهذا، وجه الإبداع التقني، فإننا لا زلنا نحاول أن نفك طلاسم الجزء التقني من هذه الامتدادات البصرية .  عموما، فإن أحدا في مملكة البحرين يبدو بالكاد مهتما بالوجه الثقافي الذي ستشكله الصورة مع الامتداد العمراني الصارخ في البحرين . ويبدو أن الرأي الأكاديمي الذي يقف على المسألة إما أن يكون مع، وبالتالي يلقى الترحاب، أو ضد وبالتالي فليس هناك مكان للنقد أيا كان نوعه . رغم أن غياب –ما يسمى - بوزارة التخطيط يبرز حاجة ملحة لدراسات معمارية أو ثقافية اجتماعية تبرز الوجه المخفي لثقافة الصورة وانعكاساتها على المجتمع .  ربما يبدو مجرد الحديث عن هذا الموضوع ضربا من تحميل الأمور ما لا تحتمل، ولكن أذكر على سبيل الشاهد رأيا معماريا لأحد المستشارين يذكر فيه تغير طابع قرية بأكملها بسبب شارع رئيسي بترها لجزئين، ويتحدث كذلك عن كل ما لحق هذا من تغير اجتماعي وثقافي . ولهذا فللمرأ أن يتخيل مقدار ما سيلحق تغير صورة

صناعة الانفعالات

* مقال كتبته في يوليو ٢٠٠٥  ثمة مستويان من التخاطب يمكن التمييز بينهما وملامحظتمها بسهولة، الأول هو التخاطب باستخدام اللغات المعروفة، كاللغة العربية مثلا، وهو أمر يعرفه الكل، ولكن لغة تخاطب أخرى تعتمد الصورة مصدرا للتواصل، وهي الأصعب في قرائتها وكتابتها، هذا التخاطب الغير لفظي هو ما نسمعه أحيانا كثيرة ودون وعي طوال اليوم، إنها تلك الرسائل التي ترسلها إعلانات الشارع التي نظنها جامدة ونحن ننظر إليها، لكنها تجمح داخل خيالنا وترسم فينا ما لا نحس، وتحرك فينا تلك الرغبة في الشراء أو أي رغبة أخرى تختبئ خلف الإعلان، ولا تقف المسألة عند هذا الحد بل تتعداه إلى ما هو أبعد وأخطر من هذا بكثير . الحديث عن الصور وقرائتها حديث طويل ومعقد، لكن أحدى وجوهه المثيرة للإهتمام هي تلك الوجوه التي نرسمها لا إراديا حين تتسرب انفعالاتنا عبرها، ولنتذكر مقولة " جورج بيرنز " بأن التمثيل يعادل الصدق المزيف، لهذا فإن قراءة الانفعالات تعد إحدى أهم الركائز في صناعة التمثيل والأفلام والدعاية، وهو أمر نتفاوت فيه، وعموما فإنه في المتوسط فإن النساء أكثير تعبيرية وصراحة ووضوحا مقارنة بالرجال . وتوحي البحوث بأن

أدبيات التغيير ... ثنائية العربة والحصان

* مقال نشرته في يونيو ٢٠٠٥ الحديث عن التغيير أحيانا كثيرة لا يكون سوى تغييرا للحديث، لأننا تعودنا الرتابة في حياتنا وفي أشياء كثيرة مما نفعل، ترانا أحيانا ما نلجأ للحديث عن التغيير وضرورته وآلياته واستراتيجياته دون أن نتغير نحن، بل ونستمر في الحديث دون أن يتغير أي شيء .  تغص مجتمعاتنا على امتداد أيام وحقب بالكثير من الحديث والشعارات حول ضرورة التغيير وحول الوعود ثم الوعود بالتغيير، وحين تغص حناجر البسطاء بكل سفاسف الكلام، وحين تصل المجتمعات حدّ التخمة، تبدأ شرارات الانفجار بالاشتعال، وبذور الثورة بالنمو لنفرغ عبرها كل أحلام التغيير ونصب عبرها كل حمم السخط من الواقع الرتيب والمعاش، بكثير من اللاوعي بل وقد يجذبنا التيار نحو مراسي الشوفينية لنبدأ بالانغلاق والانكفاء على الذات من جديد، لتبدأ بعدها عوامل الهرم والتكلس الفكري بفرض رتابة جديدة، وهكذا تبدأ الدورة لتعود من جديد .  تصاحب عادة حركات التغيير جرعة من الأدبيات التي تجيء متوائمة مع كل الوعود بالتغيير بل وتدفع بالناس للحلم بما هو أبعد من ذلك، في علاقة هي أشبه بعلاقة العربة والحصان، فكثيرا ما تجد الثورة حصانا جامحا يجر من وراءه كل