التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2013

تعرف فلان؟

  إحدى طرق كسر الجليد عند محادثة غريب في المجتمع البحريني – إذا لم تكن الطريقة الوحيدة- يمكن اختصارها في سؤالين ، الأول "من أي ديرة أنت؟" والثاني "تعرف فلان؟"، وبعدها يبدأ السائل في سرد تاريخ علاقته بفلان وكيف أنه يعرفه معرفة لصيقة ويسرد الطرائف التي حصلت بينهما، وكل شيء عنه. لماذا؟ لسبب واحد فقط هو أنك من نفس الديرة التي يسكن فيها فلان! والأغرب من هذا أنك حين تجيبه بأنك لا تعرف فلان، يبدأ بإعطائك الأدلة التي يجب أن تقودك لفلان، فهو "يشتغل في ألبا" و"يسكن في الفريق الذي بقرب المقبرة" و"عنده سيارة ماكسيما"، وأحيانا كثيرة ما نضطر للتخفيف من احراج الموقف بالقول "بلى، كأني عرفته". صحيح أن البحرين صغيرة، وأن الحديث مع غريب لخمس دقائق قد يقود لنسب بعيد بينكم، فاحتمال أن يكون الغريب الذي تحدثه "أخو زوجة ولد خالك" احتمال قوي إذا لم يكن أكيد، وأنا لا استند على إحصائيات لكن التجارب تدل على أننا في البحرين عائلة واحدة ، ف الفواصل التي تفصل بين القرى والمدن اندثرت، و البحرين في طريق أن تكون "ديرة واحدة" لا يف

حكاية قرية

1 أشباح أجسادٍ مكدّسةٍ تغصّ بجوعها عند المساء، والدرب أطولُ من عناءْ، شيءٌ من الأعماق يدفعها لتوغل في الألم شيٌ ء يجيء من العدم، أضواءها يتزاحم الأطفال فيها حيث يج ت م ع الكهول نفس الحكاية والفصول عن فارسٍ في النخل يخرج في المساء يهدي الثمار إلى الحقول ويحارب الفقر المكدس في القرى ويطارد الأحزان في عين النساء، كل الذين رأوه في الليل اختفوا البعض قال بأنهم أمسوا سنابل في الحقول البعض قال بأنهم متكدسون، هناك في قلب الوحول والسحر عنهم لن يزول وا لجالسون من الصغار تجمدت أطرافهم خفقانهم كعواء آلاف الذئاب والبرد يرق فوق جلده م الرقيق كما الحراب... الفارس الموعود قاسمهم أغاني الصيف والمقهى وأيام العذاب.. لكنه منعته آلهة الديون من الظهور ونفته في وجع الن خيل، وقيدته إلى الجذور... يأتي إلى الدنيا إذا جاء المساء يهدي الثمار إلى الحقولَ ويطرد الأحزان من عين النساء ومع الصباح، يهدي إلى الناس الضياء ويسير، يرحل في انطفاء... 2 ​ المسجد المحشو بالأجساد غادره الهواء وسعال شيخٍ آخر الصف ارتفع طفل وقع "عيبٌ عليكم، كيف ن

خيول القدر

هناك عدت في التلال خيول القدر تجر بقايا سحاب وتلقي بقايا مطر هناك انحنى يشرب الصمت واشتاق أن لا يقوم ولكنها الريح شدته فانساب فيها شراعا وأطلق مركبه للسفر هناك، وآخر قطرات المطر رأى القادمين بنصف ابتسامة ونصف انتظار تملّى بها، واستدار وتاهت نوارسه حيث دار رآها، تحلق فوق النخيل لتلتهم الشمس، تشرب باقي النهار وضاعت، مع الليل تاهت بجوف بشر... هناك رآها تموت، رأى الريح شاحبة وهي تعدو تطالع وجه القمر تمدّ يديها بكأس سهر.. هناك تدور الليالي كدوامة لا تطاق يغالبها بالشموخ، بحبّ الرفاق بومضة حلم رآها هناك، على القاع يرقبها بسمة فوق ثغر الدرر وفي الليل تولد شمسٌ جديدة وريح .. وسرب نوارس وذكرى تصيح "ستهوي أمانيك ذابلة في السحر ستعدو عليها خيول القدر فلا تبتئس وابتسم... ابتسم يا بشر"   Posted with Blogsy

وجع الرماد

أكره نفسي، من قدميّ إلى رأسي، تعِبٌ يا ربّ من اليأسِ أشباح الخوف من المجهول تصدّع رأسي، لا غدَ عندي أحياه ويومي مصلوبٌ في أمسي واه ٍ يا رباهُ لماذا هذا الرعب يعذب نفسي؟ ولماذا يتعفن في صدري الإيمانُ لينمو كفرٌ أكبر؟ ولماذا دون ملايين الناس ينفيني وطني للمهجر؟ يا رب إذا كان قضاؤك أن تكتب لي وجعاً أكثر، أن تكتب لي خوفاً أكبر، أن تختم عمري في وحل الرعب ذليلاً أتعذب وحدي، أتكسّر.. يا ربّ إذا كان قضاؤك أن تسلخ جلدي أن ترسلني في قلب النار لوحدي أن تأخذ روحي... خذها لا تتأخر فلك الحمد على كل عذاباتي وجروحي خذي روحي.. اشقت إليك فخذ روحي فأنا سأظل كما كنت وحيدا أحمل عشقي يا ربّ طريدا وأسير بكل اليأس وكل القهر، أسير بعيدا حتى ألقاك بهذا العشق شهيدا...   Posted with Blogsy

المثقف العربي بين انتحار، وانكسار، وانتصار

لم تكن طفولة خليل حاوي لتختلف عن طفولة العديد من أطفال لبنان الذين خرجوا من رحم الحرمان والفقر إلى عالم تكسرت فيه كل الأحلام الوردية، فالطفل الذي مرض والده لم تمنحه الدنيا سوى خيار العمل بن ّ اءا لتتصدّق عليه بما يسدّ رمقه. ولكن خليل الطفل استطاع بذكاءه أن يعلّم نفسه العربية والانجليزية والفرنسية، ثم ل يتخرج من الجامعة بامتياز ل ي حصل بعدها على منحة حصل بها على الدكتوراة من جامعة "كامبردج" ، و عاد حاوي وعادت الدنيا لتكون أكثر قساوة على لبنان، فالدكتور والشاعر الذي استطاع أن يضيف على الشعر العربي لمسة تظل حاضرة، خبأت له الدنيا أقسى ما عندها. فالرجل الذي عاصر عام النكبة وحرب حزيران وبعدها حرب رمضان، ربما استطاع أن ي تحمل احتلال جزء من جنوب لبنان فيما عرف بعملية الليطاني في 1978، لكن ه اختار أن ينتحر حين وصل الجيش " الإسرائيلي " حدود بيروت في 1982. وعموما فإن انتحار خليل حاوي لم يكن عنوانا يتيما في صحيفة التاريخ العربي ، فالعديد من الكتاب والمثقفين وحتى المفكرين العرب انتحروا فعليا بعد حرب حزيران. ويعتقد البعض أن الفكر الثوري انكسر على صخرة حزيران واستحال حطام

لمزيد من المجد

"أنت تُ طلق الرصاصة، ثم يأخذها الرب المتعالي في السماوات إلى حيث يُريد"، هكذا يختصر أندي غارسيا مشهد ال حرب المكسيكية في حرب المتديّنين "لا كريتيادا" بين 1926 والعام 1929. فيلم " ل مزيد من المجد" أو " For Greater Glory " يتحدث عن هذه الحقبة، وهو ليس قصة أسطورية أو فيلم أشكن بقدر ما هو سرد لقصة حقيقة لمجتمع متديّن يواجه طاغيةً ملحدا وماسونيا. ف في العام 1917 قام الرئيس المكسيكي كاليس بفرض دستور من طرفٍ واحد على شعبه، وهو الدستور الأول من نوعه في العالم الذي يحدد الحقوق المدنية، وحتى الدستور الروسي لم يولد إلا بعد عامين منه مستلهماً منه. والمفترض أن إنجازاً كهذا يشكل افتخاراً لا حفرة تخرج منها عفاريت الحرب، فأين كانت المشكلة؟ المشكلة أن الدستور تم فرضه من جانب واحد، وجاء مخالفا لعقيدة الشعب المكسيكي بأجمعه، فالرئيس كاليس لم يستطع تحمل نقد رجال الدين له، فوضع مواد دستورية تسمح له بشن حرب شمولية على كل ما هو ديني أو يقر ُ ب للدين ولو من بعيد. مواد الدستور المنحة، سمحت له باعتقال وتعذيب وقتل من يشاء، وكانت الجثث تعلق على الأعمدة في كل نواحي ا

لا نرى الظلمة

  تقيّأت غراباً نيئا على طاولة المحقّق، عصرته حنجرتي حتى اختلط الد م بالبزاق، خدش جدران حلقي بمخالب ه القوية ومنقاره الحاد، حتى ريشه الأسود القاسي كان يحفر أخاديد صغيرة من الألم في كل أنحاء فمي، لم أستطع التنفس أو النطق أو حتى تحريك شفتي، ساعات من التعب اللعين جعلته يكبر في حلقي ويكبر. كلما صفعني المحقّق وركلني بشدة تجاه الحائط، استفاق الغرابُ في حلقي وبدأ ي نهش لساني وحلق فمي، كانت الدماء تسيل من حاجبي الأيمن، أو أسناني المكسورة، أو ربما كان الدم من أنفي المهشم! لا أدري! الألم يباغت حواس الضحية ويُربك الذاكرة، فيصبح استذكار الألم نوعاً آخر من العذاب، و لكن ي أتذكر بوضوح كيف كان الألم يخرج من سقف حلقي كدودةٍ غليظة الجلد ليصل بطيئا لأعلى نقطة في رأسي، حينها يفوح الخَدَر من كل أطراف جسمي، ت ه تزّ رجلاي المتقرحتا ن فأغيب عن الوعي. حين نغيب عن الوعي نرى السواد، ووعيي أنا كان الأسود والأسود فقط لأيام ثلاثة، حتى الغيبوبة التي أهرب إليها فارّا من الألم لا تعزيني سوى بالسواد! كل هذا السواد بدأ بعصابة سوداء لفها المحقق حول عيني حين بدأ التحقيق قبل ثلاثة أيام، ولثلاثة أيام رأ

انستغرام وبس!

  التصوير للمبدعين نحتٌ في الضوء، وللناس اقتناص لثواني الزمن العابرة، وربما تحايل البعض بصورة على النسيان فخبأ اللحظات عميقا في الذاكرة بصورة مُبَروَزة تعيده لجوها وزمنها كل مرة نظر إليها. هكذا كنا، وهكذا كان التصوير لعقود، حتى بُعث فينا "الانستغرام، فأصبح التصوير هوساً وموضة، وأصبحت الصور أشبه بالعبث ، ما يدل على وجود خلل ما في مجتمعنا. تخيّل أن تطلب طبق طعامٍ، وبعد طول انتظار يُطلب منك رفع اليد لأن زوجتك تحتاج لعشر دقائق لجلسة التصوير، وبعدها تحتاج لخمس دقائق لرفع الصور على "الانستغرام"، ثم ما بين اللقمة واللقمة يتم مراجعة عدد "اللايك" والتعليقات. والأغرب من هذا كله هو التعليقات التي تم ت دح الطعام وطعمه الساحر بناءا على منظر الطبق! وهذا نوع من أنواع الفراسة التي تمتلكها النساء، وهو معرفة طعم الطبق من صورته فقط، اللهم لا حسد. وعادة يكون التعليق المرفق مع الصورة "طلعة رومانسية مع زوجي حبيبي"!، وهو تعليق يوحي بالرومانسية، في حين أن الزوج كان مشغول ا طيلة العشاء بالدردرشة مع "الربع"، وكانت هي مشغولة طيلة الوق ت بالرد على التعل

يا صبر زوجة أيوب

"صبر أيوب" هو أشهر صبرٍ تداوله الناس، فالنبي أيوب "عليه وعلى نبينا السلام" ذاق من التعب والعناء وعانى من موت أبنائه وفقدان الجاه والنعمة ونبذ الناس، ولكنه كان صابرا محتسبا، بل ومقام النبوة جعله يترفع عن مرتبة الصبر إلى مرتبة الشكر والحمد، فكان كلما ألحّت عليه زوجته أن يدعو الله ليخلصه مما نزل به من بلاء، وهو نبي مستجاب الدعوة، ردّ عليها بأني أستحي من ربي، فقد عشت من النعيم عقودا طويلة فهل يضيق صدري بسنين معدودة من ا لامتحان ؟ وعموما فإن الصبر أو "العزم" هو ما رفع بعض الأنبياء فوق بعض درجات، فكان تاج النبوة أولئك الأنبياء أولي العزم الذي قطعوا في مراتب الصبر أكثر من غيرهم مسافة، وكان أصبر الخلق وأشرفهم نبينا محمد "ص" دون ريب، وهكذا كان "صبر أيوب" عبرة بالغة في ديوان البوة، ولكن ثمة تفصيل غاب في قصة النبي أيوب "ع" لسبب أو لآخر ، وبسببه أخذت المرأة موقعا هامشيا في القصة والعبرة رغم كونها المحور في قصة النبي أيوب "ع". صحيح أن النبي أيوب "ع" كان هو المبتلى، ولكن زوجته شاطرته من التعب والعناء ما لا يحتم

حرب الإشاعات

  الاشاعات أو القيل والقال هي لغو الحديث في الشؤون الشخصية والخاصة للآخرين . وهي واحدة من أقدم ال وسائل و أكثر ها شيوعا ل تبادل الحقائق و وجهات النظر ، بل وتبادل الافترا ء أيضا . ويستخدم هذا المصطلح ، الذي تغيرت دلالته مع مرور الزمن ، للدلالة على التزييف وتهريب ال أخط ا ء ضمن المعلومات المرسلة عن شخص أو شيء ما ، و يصف هذا المصطلح دردشة الخمول ، أو الدردشات التي ننخرط فيها بأقل مجهود ذهني دون تشغيل مرشحات المنطق في عقولنا ، كحال أغلب حوارات المجالس، فحتى إن بدت كصراع ديوك فإنها تظل دردشة خمول لا يكلّف الدخول فيها غير حنجرة مرهفة وحد يسير من التفكير دون عناء القلق المعرفي وصراعات المنطق والفكر. وبعيدا عن النص الديني، حيث تدعو الشريعة للتحقق الدقيق من كل إشاعة خوف الوقع في الغيبة ، فإنه ي جرى دراسة وبحث الإشاعات من حيث أصولها وتطورها في سياق علم النفس . وتاريخيا وجدت الدراسات أن الشائعات وسيلة هامة من خلالها يمكن لفئة من ا لناس فرض نسق تفكير وسلوك معين تكون الشائعات مصير من يخرف أو يتخلف عنه، وبهذا تخلق تناغما اجتماعيا ولو بطريق غير مباشر ،ما خلق من