التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"البحرين تقرأ ألف كتاب" .. تدشين مبادرة بحرينية للعام 2016 للتحريض على القراءة



القراءة هي الرئة الثالثة التي نتنفس بها، وهي الصندوق السحري الذي يهرّب لنا أعمار الأخرين فنكبر دون دورة عقرب واحدة، تحرّض فينا الإبداع والإلهام وتسافر بنا لعوالم أخرى دون الحاجة لتأشيرة أو تذكرة سفر. ومع ولادة العام الجديد، تولد أحلام وطموحات وتحديات جديدة، فكل بداية تحمل في ذاتها قيمة إيجابية، خصوصا إذا كانت تأسيسا لمبادرة تنشر حب القراءة والإطلاع، وهذا ما كان في دار فراديس.
حيث احتضنت دار فراديس مساء الأربعاء مبادرة "البحرين تقرأ ألف كتاب" وهي مبادرة شبابية مستقلة تهدف لنشر القراءة كفعل يومي، عبر مجموعة من المتطوعين لقراءة ألف كتاب. واختارت المبادرة موقع Goodreads  لتوثيق هذه التجربة، وللقرّاء حرية اختيار عناوين الكتب أو عدد الكتب التي يريدون قرائتها.
وبيّن يوسف الزيرة في كلمته الافتتاحية خلال تدشين المبادرة أن الأهم هو أن تتفوق على نفسك كقارئ ومن ثمّ أن نتفوق على أنفسنا كمجتع، فالمبادرة تضع الألف كتاب كرقم رمزي، فالمجتمع البحريني يقرأ بالتأكيد وقد تخطى الألف كتاب بكثير ربما، ولكننا بحاجة لتعزيز هذه الممارسة وجعلها فعلا يوميا يمكن رؤيته في طوابير الانتظار أو الحدائق العامة، والهدف ليس الألف كتاب في حد ذاته، بل الأهم هو أن يتفوق القارئ البحريني على نفسه في ماراثون القراءة، فلو قرأ أحدنا خمسة كتب في عام 2015 فإن المبادرة تحرضه على قراءة أكثر من ذلك في العام القادم.
ويمكن للقارئ أن يختار العناوين التي يحبها، فالعناوين كما أوضح يوسف الزيرة في كلمته، ليست هي الأهم في هذه المرحلة، فنحن نطمح لعمل جماعي يصنّع فيروس القراءة ونحاول أن ننشر العدوى الجميلة لكل من حولنا بسرعة فيروسات الشتاء إذا استطعنا إلى ذلك سبيلا. فالإحصائيات تشير إلى أن المواطن الأمريكي يقرأ 11 كتابا في السنة، أما المواطن البريطاني فيقرأ 7 كتب في السنة، والرقم الصادم هو أن كل 20 مواطنا عربيا يقرؤون كتابا واحدا في السنة، لهذا فإننا بحاجة لكل جهد من أجل التحريض على القراءة وتعزيز حضورها اليومي في حياتنا، نحن نطمح أن نتناقش حول الكتب بنفس حماس النقاش حول لقاء فريقي ريل مدريد وبرشلونة، أو بنصف هذا الحماس حتى.

اختارت المبادرة موقع goodreads.com  كفضاء إلكتروني لتوثيق التجربة لعدة أسباب، فالموقع أشبه بالمكتبة الكونية التي تتيح لك التجول للنظر في رفوف الآخرين ومعرفه الكتاب الذي قرأوه هذا العام أو العام الماضي، ومعرفة الكتب التي يخططون لقرائتها. ويضم الموقع الذي تم تأسيسه قبل تسعة أعوام واستحوذت عليه شركة أمازون الشهيرة أكثر من عشرين مليون مشترك، ويحظى أيضا بأكثر من عشرين مليون زيارة شهريا، ويحوي ملايين العناوين للكتب، كما ويجري تصويتا لاختيارات القرّاء لأفضل عشرة كتب في عشرة مجالات كل عام، وقد قامت المبادة بإنشاء إنشاء مجموعة Bahraini Readers  فيه والتي تضم أكثر من مئة مشترك لحد الآن، وتدعو المجموعة جميع محبي القراءة للانضمام إليها عبر إنشاء حساب في الموقع والانضمام للمجموعة. وكل ما على المشترك هو إضافة الكتاب لقائمة الكتب التي قرأها وسيقوم الموقع باحتساب الكتب تلقائيا لكل المجموعة. كما وتعكف المبادرة حاليا على حصر المؤلفين البحرينيين وإدراج كتبهم في موقع goodreads  مصحوبة بملخص أو عرض سريع للكتاب، ليسهل على القراء إدراجها في رفوفهم الإلكترونية، وتقوم المجموعة أيضا بتبادل المقالات والأفكار والتجارب الشخصية لكل ما يتعلق بالكتب، وما يجع منا قراءا أفضل. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كوميديا دانتية و"لمبو" برائحة الكذب

* مقال نشرته 2005 صدرت للمرة الأولى الترجمة العربية الشعرية الكاملة لكتاب الكوميديا الإلهية، للشاعر الإيطالي دانتي الليغييري عن منشورات المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو" في باريس والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. ونفذ الترجمة الشاعر والناقد العراقي-الفرنسي الجنسية- كاظم جهاد عن النص الأصلي الإيطالي وعن العديد من الترجمات الفرنسية لنص الكوميديا الإلهية المؤلف من 14233 بيتا شعريا موزعا على مقاطع ثلاثية ومجموعة في 100 نشيد قسمت إلى ثلاثة أجزاء: الجحيم والمطهر والجنة. وألحقت الترجمة بمئات الحواشي والشروح، كما ضمت مقدمة طويلة للمترجم تعتبر دراسة مستقلة بحد ذاتها.ويشدد كاظم جهاد في مقدمته على أن العالم العربي والإسلامي ليسا غريبين على الكوميديا الإلهية حتى وإن كان دانتي ينتمي للديانة المسيحية. ويشير إلى أنه كثيرا ما جرى ذكر التأثير العربي في الكوميديا الإلهية كما ينقل عن المؤرخين ذكرهم تردد دانتي على حلقة دراسات لتلامذة الفيلسوف ابن رشد. ويتجه أليكسي جورافسكي في كتابه (الإسلام والمسيحية) للحديث عن تأثير الإسلام في أوروبا ف

أدبيات التغيير ... ثنائية العربة والحصان

* مقال نشرته في يونيو ٢٠٠٥ الحديث عن التغيير أحيانا كثيرة لا يكون سوى تغييرا للحديث، لأننا تعودنا الرتابة في حياتنا وفي أشياء كثيرة مما نفعل، ترانا أحيانا ما نلجأ للحديث عن التغيير وضرورته وآلياته واستراتيجياته دون أن نتغير نحن، بل ونستمر في الحديث دون أن يتغير أي شيء .  تغص مجتمعاتنا على امتداد أيام وحقب بالكثير من الحديث والشعارات حول ضرورة التغيير وحول الوعود ثم الوعود بالتغيير، وحين تغص حناجر البسطاء بكل سفاسف الكلام، وحين تصل المجتمعات حدّ التخمة، تبدأ شرارات الانفجار بالاشتعال، وبذور الثورة بالنمو لنفرغ عبرها كل أحلام التغيير ونصب عبرها كل حمم السخط من الواقع الرتيب والمعاش، بكثير من اللاوعي بل وقد يجذبنا التيار نحو مراسي الشوفينية لنبدأ بالانغلاق والانكفاء على الذات من جديد، لتبدأ بعدها عوامل الهرم والتكلس الفكري بفرض رتابة جديدة، وهكذا تبدأ الدورة لتعود من جديد .  تصاحب عادة حركات التغيير جرعة من الأدبيات التي تجيء متوائمة مع كل الوعود بالتغيير بل وتدفع بالناس للحلم بما هو أبعد من ذلك، في علاقة هي أشبه بعلاقة العربة والحصان، فكثيرا ما تجد الثورة حصانا جامحا يجر من وراءه كل

هكذا قرأت أمريكا

* كتبت هذا المقال في مارس ٢٠٠٥ وقد لا اتفق مع بعض تفاصيله الآن لكن أورده كما هو ....  حين قررت الذهاب في دورة مكثفة لدراسة ما يسمى ( بأمريكا ) لم أكن أعرف نهاية الطريق في هذه الرحلة ، و حاولت جاهدا و أنا أسمح لمركبي أن يمشي مع التيار أحيانا أن لا أفقد الاحساس بالاتجهاهات ، و حين أدعي أني كالبوصلة المفتوحة على جميع الاتجهاهات فهذا يعني أن عقلي معطل ، فالبوصلة التي تشير لكل الاتجهات بوصلة معطلة . هي محاولة للقراءة في شيء معقد و فعل القراءة هو أسمى فعل بشري .  ( اقرأ ) ، كانت أول كلمة تفوه بها الوحي و ظلت ترن في أطراف الجزيرة العربية منذ قيلت لليوم، و سبحان الله فكأنما كانت أول كلمة يتنزل بها الوحي تعطي مفاتيح الدنيا لمن يفتح قلبه و عقله لها . فمن لا يقرأ ليس حيا في هذه الدنيا ، و من لا يقرأ ليس مسلما حتى ، و كيف يكون مسلما وهو يعصي الله ( عز و جل ) في أول أمر يبلغه نبيه ؟ ثم ألا يستوعب الإنسان مقام هذا الأمر الإلهي حتى يستفتح به الله كلامه في أعظم معجزة و لأعظم بشر عرفه التأريخ ؟ و من هو في عظمة محمد ( ص ) يسشترف مسيرة النبوة الخاتمة باستقبال أول تكليف من رب العزة ( بالقراءة ) ، و